24‏/12‏/2013

رمال بن لندن العربية


ببلوغرافيا الكتاب: (الرمال العربية/ ويلفرد ثيسجر. منشورات موتيف ايف.الطبعة الثالثة 2001/ 245 صفحة)




صورة المؤلف


أحاديث حميمية لويلفرد عن الصحراء العربية والبدو وسبب تأليفه الكتاب مع بعض الصور
http://www.youtube.com/watch?v=1pfzZC2_ijc

لم أتوقّع أني سأعجب بهذه المذكرات، غريب حبّ ويلفرد للصحراء وحياتها، ركوب الناقة والمسير بها ليال وأيام مع بدو لا يعرفهم ولا يعرفونه، والأغرب حينما يتسائل وهو في أشد اللحظات جوعاً وبؤساً مع بدوِ أغراب أنه لايمكن أن يكون هنالك أفضل من هذا المكان.. لاأريد أن أكون في مكان آخر! إما أنه حب للاستكشاف، أو أنها لحقتك جينات العرب ياويلفرد

بسم الله:
تكلم في بداية الكتاب عن ارتباط حبه لحياة الاستكشاف والمغامرة الصعبة مجهولة النهاية بمولده في اثيوبيا 1910 إزّاء عمل والده هناك وبقي فيها حول 11 سنة حتى عادوا إلى بريطانيا، واستغراقه في القراءة عن افريقيا ورحلات من ذهبوا إليها جعلت حنينه إليها يزداد ليذهب بعد ذلك وهو في العشرين من عمره 1930 .. جلس في اثيوبيا ودخل مناطق لم يدخلها اوربيون قبله وشاهد آثار الحروب بين القبائل في اديس بابا..
في 1935 ذهب الى السودان حينما تم تعيينه في منطقة بعيداً دارفور لانه فيها حياة منظمة وفلل وطرق وهذا لا يعجبه، يريد المغامرة والحياة المليئة بالصعاب، يقول عن نفسه: "ولقد قتلت سبعين أسداً خلال الاعوام الخمسة التي قضيتها في السودان، هذي افريقيا التي قرأت عنها عندما كنت فتى، والتي يئست من الهثور عليها عندما شاهدت الخرطوم ....."

في الفصل الثاني تكلم عن لقاؤه مع أوبي لين أخصائي مكافحة الجراد الصحراوي، وكان أوبي يبحث عن شخص برافقه للجزيرة العربية.. ومن هنا بدأت الرحلة.
انطلق من ظفار في مسقط.. وتحدث عن لقاؤه بالحاكم هناك وجعل له 30 مرافقا من قبيلة "بيت كثير".. وصف هؤلاء البدو وطريقة تفكيرهم ومشاعرهم .. "ص46".. وحدثوه عن الأوروبي الذي سبقه عندهم واستضافوه "برترام توماس".


صورة في عبوره للربع الخالي- يناير 1948


في الفصل الثالث سافر إلى "رمال غانم" و "موغشن" وعاد إلى صلالة ومن هناك التقى بقبيلة "الرواشد" وسافر معهم إلى حضرموت وقابل هناك "بني كبينه" الذي سيرافقه طول رحلاته والذي جعل إهداء الكتاب هذا له هو و"بن غبيشه".
في هذه الرحلة بالذات تعرف على طبيعة البدو ص56 وتعجّب من معرفتهم الشديدة بالجمال ص59
بعد انتهاء مدة رحلة ويلفرد الاستكشافية "حول الجراد :)" وقبل العودة إلى لندن قرر زيارة الحجاز ومكث فيها ثلاثة أشهر ذكر فيها الفرق بين المعيشتين في ذلك الوقت ، الطائف وأبها وجازان وجدّه، وبعد العجيب أنه وفي الحياة الهانئة هناك حنّ إلى التقشف وحياة الصحراء ولا يتمنى سوى العودة إليها، وهذا مافعل بعدها.

عاد بعد فترة ليست بالطويلة إلى رفاقه البدو الرواشد وبني كبينه، وهنا يحكي موقفه مع الحجوز الذي استوقفهم خصيصاً ليقول: أبحث عن النصرانيّ "وهذا لقبه قبل مايسمونه مبارك" .. وجلس ينطر إليه طويلاً طويلاً بنظرة وتسائل عن هذه النظرة هل هي من أجل أنه نصراني واستكشافه هنا ليس من أجل الجراد وإنما ليساعد على غزو موطنه، وهذا ماحدث كما يقول ويلفرد، بأن استعانوا بخرائطه لمشاريع لم يحبّذها.. وتكلم في هذا الفصل كلاماً رزينا صادقاً عن الحضارة الإسلامية والإسلام من واقع تجربته ورحلاته..
وعاد بعهدا لسرد مغامرته والمواقف العجيبة الطريفة الصعبة التي مرّ بها هو خصوصاً كونه غريب، ومرّوا بها جميعاً لأنها مغامرة جماعية لاستكشاف مناطق جديدة والعبور منها..

صورة للمؤلف وبعض مرافقيه





وقد حوّل الكتاب بعدها إلى فيلم:
http://www.youtube.com/watch?v=OoWC5eAp17g

وهذا الموضوع فيه مراجعة ممتازة جداً للكتاب وعن مبارك بن لندن




http://sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=14903

06‏/10‏/2013

سوف يضربك الموت بجناحيه يامن تقلق سلام الملك!

سوف يضربك الموت بجناحيه يامن تقلق سلام الملك!*








في هذا الكتاب المثير يأخذ عقلك ابن منصور هذا في جولة غير خفيفة حول أسرار الفراعنة والأهرام ولعنة الفراعنة، هل هي صحيحة أم خرافة؟
وإذا كانت خرافة ماذا نسمي ماحدث لعلماء الآثار والأطباء الذين أصيبوا بأمراض غريبة وماتوا لأسباب غير معلومة بعد اكتشافهم للمقابر أو تشريحها!
ويقول أنيس أيضاً أنه ربما يكون هذا السبب الذي جعل المخابرات السوفيتية تبعث رسالة برقية لسكرتير الحزب الشيوعي السوفييتي خروشوف بعد أن وصل مصر في زيارة، تقول له :
"لا تدخل الهرم الأكبر لأي سبب كان!" 
ولم يدخل خروشوف الهرم ولم تذكر روسيا أي تفسير لذلك
عنوان هذا الكتاب الشيق هو: 
" لعنة الفراعنة، وشيء وراء العقل"
في الجزء الأول من الكتاب أو الكتيّب (عدد صفحاته 131 من القطع الصغير) يتحدث بكلام علمي مرصود "لكنه لم يذكر مراجعه كعادة كتبه" مليء بالأحداث والقصص حول لعنة الفراعنة وتفسيرها وبعض مما وصل إليه الفراعنة من العلم الهائل.

وفي الجزء الثاني يتكلم حول هذا الشيء العجيب الذي نحمله فوق كتوفنا .. العقل!
أين يوجد ؟ كيف يعمل ؟ كيف يؤثر على الجسم كله!كل ماتوصل إليه الأطباء في إشارتهم للعقل هو "المخ" الموجود في رأس الإنسان، وأن لونه كذا ووزنه كذا وأنه لا فرق بن مخ العبيط ومخ العبقري!هنالك مخ: هذه حقيقة تشريحية .. ولكن لا نعرف أين مكانه ومالذي يجعله ذكياً أو غبيا أو عبقريا.. لأ أحد يعرف ذلك!


<img src="http://imageshack.us/a/img163/7926/kbsr.jpg" alt="A"/><br/>

--------------
* هذه العبارة وُجدت مكتوبة عند قبر توت عنخ آمون.

28‏/08‏/2013

سحيم عبد بني الحسحاس وملحمة غازي



هنا يتجلّى غازي بشِعره.

سحيم..العبد العاشق الحرّ في شعره
إذا كُنتُ عبداً فنفسي حُرّةٌ كرماً ...أو أسودُ اللّونِ إني أبيضُ الخُلُقِ

يحكي غازي قصة سحيم على أنها تجربة مؤلمة لشاعر كان يتغزّل صريحاً بنساء عشيرته بينما منزلته فيها كانت أنه عبد من العبيد، وهذا ما جعلهم لفعلته يحرقونه بالنار!
يصوغ الحكاية القصيبي على أنها محاورة بين سحيم وبين محبّيه الذين يريدونه أن يأتي بأي عذر كي لا يُحرقونه بالنار، لكنه يأبى

مايعجبني في القصيدة انها جعلت سحيم العبد الأسود معشوقاً من قبل النساء. الغراب الوسيم على قول سميّة:
"
كانت سميّة أول بنت تحب الغراب
وأوّل بنتٍ تقول : غرابٌ وسيمٌ وسيم
وساعتها صرت أبها الرجال
وما زلت أبهى الرجال
وأجمل من هؤلاءِ
شديدي البياض
شديدي الأنوثة رغم اللحى والشوارب
أجمل من هؤلاء الرجال / النساء

أنا عبد سمّية
عبدالجميلات
عبدٌ وحرّ"

ويأتي بعدها في حوار مع أمه ترتجيه باسمها وباسم أبيه الذي لم يره أن يزعم أن قصائده ليست له، وأن الذي كان لم يكن

"وهم يحسبون الجميلات ينفرن مني
لأنيَ عبدٌ. غرابٌ شديد السواد.
ولا يعرفن دهاء السوادِ الذي يتحوّلُ
عند لقاء الجميلات حبلاً. يشدّ الجميلات نحوي.
ولا أستطيع فكاكاً.
أنا العبد -ياأمّ!- عبدُ الجميلات
كيف أدوس الولاء؟
وأزعم أن الذي كان. ماكان؟
كيف أخون القصائد. سطّرتها بدموعي في الرملِ.
سطّرتها بالأظافر في النخلِ؟"


ويذهب بعدها في حوارٍ طويل ممتع ممتع مع أسماء

" أسماءُ!
أسماءُ!
أعشقُ - أسماءُ!- إسمكِ؟
إسمُكِ أوسمُ إسمٍ.
توسّمتُ في سمْتهِ سِمةَ المسِّ والماسِ
والميْس والوسمِ
قالت تضاحكُ:
مالك تهذي!
وماكنتُ أهذي
أقلّبُ -أسماءُ!- إسمكِ. بين شفاهي
فيُصبح ماءَ. ويصبح أماً. ويُصبح سماً.
ويمسي مساءً. ويغدو سماءْ
وتضحك أسماء:
مازلت تهذي!
وما كنتً أهذي.
أًداعب -أسماءُ!- إسمكِ. أحذف منه
أُضيف إليهِ.
أأسماءُ من يعرف الإسمَ. يمتلكُ
الجسم بالسحْر. أني سحرتك!
تضحك أسماء. تضحك تضحك تضحك ثم تقول:
صدقت! أحسّ بأني مسحورة بك.
مأخوذة بك. كيف تمكنت من خطف قلبي.
الذي ماتنفّس قبلك!؟ كيف تمكنت؟!"

ومن ثمّ يمرّ على عميرة وأبيه وهند وميّ وبثينة. حتى جاءت اللحظة وأخذته القبيلة لترميه في النار يقول مرتجياً ربه:
" ياربّ
أسلمت وجهي إليكَ
وفوّضت أمري إليكَ
وألجأت ظهري إليكَ
وهل ملجأ منك إلا إليك؟
ويا ربُّ !
تعرف أني عصيت كثيراً
وتُبتُ كثيراً
وعدت كثيراً
وياربُّ !
هذي جهنّم قبل جهنّم!
هم يحرقُونيَ بالنارِ.
ما كان للعبدِ أن يَحرق العبدَ بالنّار
والعبد -ياربُّ- عبدُك"

هي تجربة انسانية مؤلمة أخرجها القصيبي في مطوّلة شعرية جميلة

------------

لتحميل الكتاب الكترونيا: http://www.4shared.com/office/E5TChnwiba/_-__.html

08‏/07‏/2013

رواية : الإرهابي 20



عنوان الكتاب: الإرهابي 20
المؤلف: عبدالله ثابت
عدد الصفحات: 253
الطبعة الخامسة - دار الساقي
التصنيف: رواية








سيرة ذاتية للشاب زاهي من التشدد إلى الانفتاح الشديد


عبدالله ثابت له أسلوبه الجميل وهذا مارفع مستوى الرواية، الفصل الأخير أعجبتني الحوارات فيه
عنوان الرواية خادع، ظننت انه سيذكر مواقف لحياة ارهابي .. لكنه ذكر حياته مع من هم -في رأي الكاتب وزاهي طبعاً- محضن لهؤلاء الارهابيين، أسلوبهم الاجتماعي والفكري وطرقهم وغيره من الكلام المطروق كثيراً
وكيف انسلّ منهم تدريجياً حتى تركهم

مسكينٌ هو زاهي
لمحت نهايته من بدايته، مثل هذه القصص نسمعها ونقرؤها كثيراً ، ولدينا في مجتمعنا الكثير من الأمثلة (المتحركة) على ذلك


كما علمني صغيراً والدي :التشدّد في الأمور الحياتية والدين هو الذي يأتي بالانخلال والعكس أيضاً
الاعتدال وتحقيق التوازن هو الذي ينأى بالمسلم عن الزيغ

01‏/07‏/2013

الرواية اليابانية الممتعة .. بوتشان




العنوان: بوتشان
المؤلف: ناتسومي سوسيكي - ترجمة دانيال صالح
عدد الصفحات: 246
نسخة الكترونية PDF
التصنيف: رواية يابانية



الرواية طريفة وممتعة جداً
يتكلم هذا الأديب الياباني سوسيكي عن الشاب بوتشان وتجربته في التعليم بعد أن عاش مع أبيه الذي توفّى وأخيه الذي فارقه في بلدة أخرى وخادمتهم كيو الكبيرة في السنّ التي أحبها كثيراً حتى ظنّ البعض أنها زوجته من كثير مراسلته لها وهي كانت بالنسبة له مصدر إلهام وتربية .. وهي التي أسمته "بوتشان" تدور الرواية حول تجربته التعليمية الأولى في إحدى القرى والمواقف التي مرّ بها بأسلوب طريف ومضحك وهذا الأسلوب هو الذي ربّما يمنعك من أن تتوقف عن قراءتها حتى تنهيها =)
أعجبتني جداً جداً طريقة بوتشان في تلقيب الأشخاص بسميات غير مسمياتهم حتى ربّما تحفظ اللقب قبل الاسم في الرواية

يقال أنها على نفس أسلوب الراوية الشهيرة : «الحارس في حقل الشوفان» للكاتب ج. د. سالينجر
ربّما ولكني لم أقرأها كي أحك
م


رابط تحميل الرواية من مدونة كتاب:

رابط مباشر [ هنــا ]
.
رابط بديل [ هنــا ]

30‏/06‏/2013

حياة البؤس والشقاء! ماجدولين الجميلة وستيفن القلب



عنوان الكتاب: ماجدولين - تحت ظلال الزيزفونالمؤلف: الفونسو كار - ترجمة: مصطفى لطفي المنفلوطيعدد الصفحات: 229الطبعة  -التصنيف: رواية مترجمة 


ااهٍ يااستيفن القلب وياماجدولين الجميلة.. ااهٍ ياحياة البؤس والشّقاءسأتكلم عن هذه الرواية من منظورين: القصة والترجمةأما القصة، فهي من أساطير قصص الحبّ، التي يكون فيها البطل خالياً من كل عيب لكن حظه العاثر يفسد الوصل بينه وبين محبوبته بعد أن ضحى من أجلها بما لا تقدر عليه إلا النفس العاشقة، فتتركه محبوبته لفقره وجزعه في اقامة حياة صالحة تجمعهما لينالها أعزّ أصدقاؤه، فيصبح المحبّ مخذولاً تائهاً قد جنّ بها وظنّ أن لاعيش إلا أن يكونا فيه سواء، فترجع له محبوبته بعد أن رأته قد تجاوز مرحلة الهذيان والمرض والسير على الطرق منادياً باسمها وباسم الحبّ والوفاء به، الى أن أصبح مشهوراً يُشار له البنان، ويتسابق إليه الصبيان .. ترجع اليه لكن الوصول متأخراً في الحبّ ليس خيراً من أن لاتصل، فأعادت الى ستيفن بؤسه وشقاؤه حينما ردها عن نفسه فآثرت الموت على أن تبقى حية، وتركت صبيّتها عنده ليقوم برعايتها .. وليسميها بعد حزن شديد مات بعده
"ماجدولين الصغيرة"
وأما الترجمة، فهي من أروع الترجمات وأحسنها، المنفلوطي لديه حسّ جميل يتلاعب بالمشاعر، ألفاظه بديعة ومنتقاة بأحسن المفردات اللغوية
الرواية متوفرة بنسخة الكترونية :
هــنــاأوهــنــا

24‏/06‏/2013

رواية زحف النمل


عنوان الكتاب: زحف النمل
المؤلف: أمير تاج السر
عدد الصفحات: 190
الطبعة الأولى - 2010
التصنيف : روايات




اللهمّ أبعد عن حياتي الصويعيّين* ومن شابههم :)

أمير وما أدراكم ما أمير هذا الروائي السوداني الجميل وأسلوبه المختلف حقاً، لو جيء لي بفصل من رواية له سأميزه بكل سهولة ..
طريقته في تسمية الشخصيات -لا أعلم هل الإخوة من السودان هكذا مسمياتهم أم هي من اختراعه- رهيبة وتحفظ سريعاً لغرابتها مثل علي جرجار وحليمة المرضعة وحكيم النبوي في العطر الفرنسي وعبدالله فرفار في صائد اليرقات .. وأكوي شاويش وطوطة القزّ وجكسا الحبوب في هذه الرواية لا تزال معلقة في ذاكرتي لغرابتها

أيضاً فِكرهُ الروائي ذكيّ فكلّ رواية تحمل فكرة مختلفة لن تخطر ببالك أحداثها مهما ضربت من التوقّعات والتحليلات، وأيضا تعليقه الوصفي لاسم من أسماء الرواية فمثلاً في هذه الرواية يسمّي الفتيات الجميلات بـ (الكوثريات) نسبة لممرضته كوثر الجميلة
أعود للراوية :
تتمثّل الرواية في شخصية تملك صوتاً فذاً وهوأحمد ذهب الذي كان لايعرف موهبته سوى أهل قريته، يصاب بعدها بحادثة خيرها غلب على شرها فمصادفة قابل في المستشى صديقاً له عزيز -يعمل كماسح للأحذية- عرّفه على أحد كبار الشُعّار ليغني له الذهب بعدها ويشتهر (عالمياً) فيطلبه الجميع ليغني لهم الحفلات والأعراس وتُرسل لطلبه الدول، وتزوّج من حياة الحسن التي أحبها وغنّا لها ..
بعدها تسير الأحداث مساراً صعبا لدى الذهب بسمعته الذهبية، يصاب بشفل كلوي يضطر بعدها إلى ان يأخذ -مجبوراً- كلية من المتبرع الوحيد الذي ناسبته المواصفات، بدوي أعرابيّ اسمه زيتون من قرية الصويعة :/ لتصبح حياة الذهب مليئة بالمتاعب والمواقف الطريفة



* الصويعين هم أهل قريه الصويعة التي جاء منها المتبرع الأعرابي زيتون ليتبرع بكليته للمغني أحمد ذهب ولايرجو من التبرع سوى الثواب .. ثوااااب :) فقط يريد الأجر من الله
ولكن هذا الثواب هو المشكلة التي علق بها أحمد ذهب

14‏/06‏/2013

من روائع حضارتنا .. مصطفى السباعي




















اسم الكتاب: من روائع حضارتنا
المؤلف: الدكتور مطفى السباعي
عدد الصفحات: 288
الطبعة الأولى 1420هـ - دار الورّاق
التصنيف: تاريخ وحضارات




الكتاب ماتع ومفيد إلى حدّ كبير وأضاف لي الكثير سواءً من ناحية تطويريه أو من ناحية لنقول نفسية اعتزازاً بهذا الدين العظيم وما فعل بحامليه، نقلهم من الجهل إلى أعلى درجات العلم والتطور وقتها وتحفيزاً لنا للسعي على خطاهم.

أهم النقط المستفادة:
- أن الدين إذا أُقيم صحيحاً فهو لايتنافى أبداً مع المدنية والحضارة، يقول المؤرخ ويلز "إن الدين الحق الذي وجدته يسير مع المدنية أينما صارت هو الإسلام"
- ارتقاء الأمم علمياً ونهضتهم مرتبطة مع اهتمام الشعوب بالقراءة والمكتبات والعلماء والمجالس العلمية والندوات وعلى ذلك الأمثلة الكثير.
- المسجد هو نواة المجتمع، ليس الاهتمام الخارجي والبنائي له فيكون مكاناً للعبادة فقط -كعصرنا هذا- فبذلك لن نختلف عن المعابد والكنائس والصواميع؛ يجب الاهتمام به كمنشأة ينبع منها العلم والتعليم وومركز ثقافي واجتماعي للأمة.
- عرفت ماصنع المسلمون من عجائب في شتى مجالات الحياة، أبدعوا وارتقوا في العلوم والاقتصاد والحروب والأخلاق وغيرها مما يحفّزنا أن نحذو حذوهم.
- تأثر الشعوب بدولة معينة (في الملبس والمشرب والتفكير والأدب واللغة ووسائل الحياة ككل...) يدلّ على عظمة هذه الدولة وأنها لم تصل ماوصلت إليه إلا بعد كدّ وعناء.
- مهما ارتقت الحضارة علمياً وزهت وأصبحت العليا في مرأى الناس وأغفلت جانب الارتقاء الروحي فإنها لامحالة إلى طريق الاضمحلال والهلاك.


تلخيصي لهذا الكتاب القيّم.

هــنــا
في 16 صفحة. 




13‏/06‏/2013

الأدب كما يفهمه الجيل 2-2

الأَدبْ كما يفهمُه الجيل

-الجزء الثاني-

عَباس محمود العقّاد





إذن لماذا نقرأ فنون الأدب؟ إن كنا لا نقرؤها لنلهو ولا لنزجي بها ساعات الفارغ المضيعة ، نقرؤها لنحيا ونوسع على أنفسنا من الحياة وليست الحياة لهواً ولا تزجية فراغ .

ما الحياة وما الأدب؟!! شيئان كلا نسيجهما من مادة واحدة ، فالحياة هي شعور تتملاه في نفسك وتتأمل آثاره في الكون وفي نفوس غيرك ، والأدب هو ذلك الشعور ممثلاً في القالب الذي يلائمه من الكلام ، وما احتاج الناس من قبل إلى من يثبت لهم أن الأدب لا يكون بغير حياة ولكنهم يحسبون أنهم بحاجة إلى من يثبت لهم أن الحياة لا تكون بغير أدب ، مع أن الأمرين بمنزلة واحدة من الحقيقة ، فإنه لكل حياة أدب ولكل أدب حياة ، والمقياس الذي يقاس به كلاهما واحد لا يختلف في دلائله وإن كان يختلف في وسائله .

أترى الحياة توجد بغير عطف! أترى العطف يوجد بغير تعبير! أترى يستوي التعبير الصادق الجميل والتعبير الكاذب الشائه! أسئلة لها جواب واحد بديهي معلوم ، وذلك الجواب مرادف لقولك إن الحياة لا تكون بغير أدب يلائمها وإن مقياس الأدب كما قلنا هو مقياس الحياة .





مثل لنفسك أمة كملت عليها نعمة الحياة العالية وظفرت منها بأوفر ثروة من الشعور النبيل المجيد فيها من تعتلج بنفوسهم الحياة فتدفعهم إلى طلاب العزة والسيادة وفيها من تروعه مظاهر الكون فيتعمق في أسرار الفلسفة والعلوم ، وفيها من تطوح به الرغبة والإقدام إلى مجاهل الأرض وأطراف البحار ، وفيها من تشوقه فتنة الطبيعة فينبض قلبه على نبض قلبها وينزع نفسه من نشوتها ، وفيها من يجيد العمل ومن يجيد القول ومن لا يقصر عن الغاية في منزع من منازع العيش ومن يستحق في كل ميدان التضحية والفخار –مثل لنفسك أمة يتسع أفق حياتها لجميع هذه العظائم ثم انظر كيف يسعك أن تتخيل هذا العالم المكتظ بالشعور الدافق والسرائر المتيقظة ضائعاً بغير تعبير ، وكيف يكون تعبيره لغواً لا يصلح إلا لمسايرة البطالة وتسهيل قضاء الفراغ؟ ألا ترى أنك لا يسعك أن تتخيل لهذه الأمة أدباً غير الأدب الذي تبعثه الحياة العالية وتتخلله وتدب في ألفاظ ومعانيه؟ وإن أدباً كهذا ليتناوله القارئ وكأنما يتناول قطعاً من الحياة يجريها في أجزاء نفسه كما يجري الماء والشمس في عروق الشجر وجذوره .


وكثيراً ما رأينا أناساً يظنون أنهم فهموا طبيعة الرقي في الأمم وعرفوا مواضع الداء منها فتسمعهم يقولون: "ما للأمم من الأحاديث والأحلام؟ إن الأمم تحتاج إلى العلوم والصناعات ولا حاجة بها إلى الآداب والفنون ." وهم لا يقولون ذلك إلا لأن غاية ما علموه عن الآداب ولا الفنون أنها أحاديث وأحلام وأن الأمم بالبداهة لا ترقى بالأحاديث والأحلام!!

فخليق بهؤلاء أن يتدبروا ما قدمناه ويفقهوه ويعلموا أن حظ الأمة من الشعر والغناء والأدب ومن الأحاديث والأحلام أيضاً إنما يكون على قدر حظها من الحياة ، وإننا قد نستطيع أن نتخيل أمة قوية مجيدة بغير علوم ولا صناعات ولكننا لا نستطيع أن نتخيل أمة قوية الطباع والأخلاق بغير آداب ، وإنه لا فلاح لأمة لا تصحح فيها مقاييس الآداب ولا ينظر فيها إليها النظر الصائب القويم ، لأن الأمم التي تضل مقاييس آدابها تضل مقاييس حياتها ، والأمم التي لا تعرف الشعور مكتوباً مصوراً لا تعرفه محسوساً عاملاً ، وأن ليس قصارك إذا صححت للأمة مقياس كتابتها وشعرها أن تهب لها كلمات وأوراقاً وإنما أنت في الحقيقة تهب لها شعوراً قويماً ومجداً صميماً ، تهب لها دماً في عروقها ونوراً في ضمائرها ونفوسها .

وربما سمعنا من هؤلاء ومن غيرهم من ينعي على الأدب اختلاف ضوابطه وتشعب مقاييسه وأنه لا حدود له كحدود العلم المقررة تميزه في كل حالة من الحالات تمييزاً قاطعاً بين صحيحه وفاسده ويبن جيده ورديئه ، فقد تجتمع صفة الجودة والبلاغة لألف قصيدة في موضوع واحد ثم لا يكون بينها من التشابه شيء كثير بل قد يكون فيها تناقض محسوس في أشياء عدة ـ وهذا صحيح ـ فإن مقاييس الأدب من السعة بحيث تأذن لكثير من الاختلاف والتشعب ، ولكن هذا الذي ينعونه عليها هو ميزتها لا عيبها وفضيلتها لا نقيصتها ، لأنه آت من اتساع مجالها وتجدد حقائقها ومشابهتها للحياة في أنها نامية متحركة مضطربة متحولة ، فلا تثبت على وصف ولا تنحصر في حد ، وما كانت مقاييس العلم مضبوطة مقررة إلا لأنها محصورة مجردة من اللحم والدم ، فإذا عرفت القضية الهندسية مرة فقد عرفتها على حقيقتها الأخيرة المقيدة التي لا تتغير أبداً وأحطت بجميع جوانبها لأن جوانبها قابلة لأن يحاط بها ، أما الحقائق النفسية فليست على هذا النمط لأنها قد تتراءى لك في كل مرة بلون جديد وصورة متغيرة ، وإليك غريزة الحب مثلاً: أليست هي من الغرائز المركبة في كل نفس؟؟ بلى! ولكن كم ذا بينها من التغاير في القوى والدوافع والأغراض والأطوار والمعاني التي لا يسبر غورها ولا يستقصي آخر مداها!! فمن ذلك أن الناس لا يتساوون في حبهم لأحبائهم ، وأن الإنسان الفرد لا يكون على حال سواء في حبه لجميع الأحباء ، وهو مع ذلك لا يكون في حبه للحبيب الواحد على حال سواء في جميع الأوقات ، وليس هذا نهاية ما هنالك من أسباب الاختلاف الشاسع في تصوير غريزة الحب ،كلا! فإنه بعد ذلك كله يبقى اختلاف الناس في اللغات واللهجات والأساليب وطرائق التفكير ، وهي اختلافات لا نهاية لتقلباتها وألوانها في القائلين والسامعين ، ومن أين لحقيقة تلم بها وتتداولها كل هذه الأدوار والغير أن تنحصر في وضع واحد كأوضاع القوالب المصنوعة والحقائق الآلية؟؟ ذلك ما لا يكون ولا يحسن أن يكون فلا جرم تختلف مقاييس الآداب وتتشعب مداخل حدودها ولا يعاب عليها هذا الاختلاف لأنه آت من عنصر الحياة الذي فيها .

على أنه لا يصح أن يفهم من ذلك أنها فوضى بلا قانون رشيد ولا قسطاس مستقيم وإلا لكانت الحياة نفسها فوضى بلا قوانين ولا أصول وهي ليست كذلك .





ولسنا نريد أن نقف هنا ، نريد أن نقول ما هو أكثر من ذلك ، وهو أن في الآداب عنصراً أسمى من عنصر هذه الحياة الطبيعية المحدودة ـ فيها عنصر الخلود الذي لا يتاح للفرد في وجوده القصير: وبيان ذلك أن كل حياة تخلق على هذه الأرض تؤتمن على قوتين عظيمتين إحداهما تحفظها والأخرى تعلو بها عن نفسها ، وقد نقول بعبارة أخرى إن إحدى هاتين القوتين مادية تتمشى مع "الضرورة" وتخضع لها والثانية روحية تتكبر على الضرورة وتنزع إلى "الحرية" ومناط هذه القوة الأخيرة في النفس هو الأشواق المجهولة وآمال الخيال اللدنية والمثل العليا التي لا تظهر في شيء مما يعالجه الناس ظهورها في مبتكرات الآداب والفنون ، فالآداب بهذا العنصر فيها تشرف وتسمو على تلك العلوم الصناعات التي تقوم للضرورة المادية مقام الخدم المطيعة العبيد المسخرة ، إذ إنه ما زال في فطرة الناس أن يخجلوا من تحكم الضرورة فيهم ولو كانت شائعة بين جميع المخلوقات ويجاهدوا بما في طوقهم من قوة للتغلب عليها والمباهاة بالإفلات من قيودها ومن شواهد ذلك عد أقوام من أهل الفطرة أكل الطعام عورة تستر ، وهرب الناس جميعهم من الفقر وميلهم إلى مداراته أو الاستخفاف بأحكامه ، وكراهتهم أن يفاجئوا في أثناء خضوعهم لشهوة من الشهوات الاضطرارية المسلطة على المخلوقات عامة ، ومن شواهده أنهم من الناحية الأخرى يهللون تهليل الطرب والابتهاج لما يقرءونه في الشعر والقصص من وقائع البطولة التي يتمرد فيها جبابرة الخيال على سلطان الأقدار ويهزئون من آصار الطبيعة وقوانينها القاهرة وتراهم يبتهجون ويغتبطون بما يشهدونه على المسارح من الروايات التي تتغلب فيها السجايا المنزهة على المطامع الضيقة الخسيسة اتي تدين بالتسليم لأقرب أوامر الضرورة ونواهيها ، ويستريحون إلى ما تترجاه قرائح الشعراء والحالمين من عصور العدل والفضيلة والكمال والانطلاق من ربقة الجاجات المعيشية ، يهللون لهذه الأمور ويعجبون بها مع علمهم أنها لا تكون كما يرجون في عالم الوقائع الملموسة ، غير أنهم قد أيقنوا بالإلهام أنها هي قائد الإنسانية الذي صحبها خطوة بعد خطوة في معارج الحياة فتقدمت وراءه من حمأة الحشرات المستقذرة إلى هذا الأوج المتسامي صعداً إلى السماء ، وجعلت الحياة فناً يخيل إلى الإنسان أنه يخلقه باختياره كما يخلق بدائع الصور ، والكون متحفاً أبدياً يقاس بمقاييس الحرية والجمال بعد أن كانت الحياة قضاء محتوماً وكان الكون سجناً لا فكاك لأسيره من أغلاله وحراسه .

ففي الأدب كل ما في الحياة من حاضر ومغيب ومن فرائض وآمال ومن شعور بالضرورة في الطبيعة إلى تطلع لحرية المثل العليا ، وواجب على الذين يفهمون عظمة الحياة من أبناء هذا الجيل أن يحسنوا فهم هذه الحقيقة ليعلموا أن الأمم التي تصلح للحياة وللحرية لا يجوز في العقل أن يكون لها غير أدب واحد وهو الأدب الذي ينمي في النفس الشعور بالحياة والحرية .

يقول قائل: "وما بالنا ننكر الهزل في الأدب إذن؟؟" إن كان في الأدب كل في الحياة فكيف ننفي الهزل من الأدب وهو عارض من عوارض الحياة التي لا تفارقها؟؟ وقد فتحنا الباب لهذا السؤال لظننا أنه خاطر ورد على أذهان كثيرين ممن قرءوا مقالنا الأول ، ونحن نقول لهم إنهم ذهبوا غير المذهب الذي عنيناه ونسوا أنا إنما أردنا أن نصحح النظرة إلى الأدب ولم نرد سرد موضوعاته ولا المقارنة بينها وعليهم أن يذكروا أنهم لا ينظرون إلى الحياة نظرة هازلة لاشتمالها على الهزل في بعض الأحيان ، فكذلك يجب ألا ينظروا إلى الأدب هذه النظرة لاشتماله على المهازل والجلائل ـ وعلى أننا نعود فنقول إن الاشتغال بالهزل غير الاشتغال بتمثيله ، فإن في تمثيل الهزل حظاً وافراً من الجد كما أن في تصوير القبح حظاً وافراً من الجمال .





- مصدر المقالة: كتاب المؤلف (مطالعات في الكتب والحياة ص 11 -الطبعة الرابعة 1987- دار المعارف)

11‏/06‏/2013

الأدب كما يفهمه الجيل 1-2

 

الأَدب كما يفهمُه الجيل
-الجزء الأول-
عَباس محْمود العَقّاد




قبل أن نخوض في تعريف الأدب الصادق وبيان الوجه الذي يجب أن يفهم عليه ينبغي أن ننبه إلى اجتناب خطأ شائع يضل كل تقدير ويفسد كل تعريف وليس يتأتى درس صالح لأي باب من أبواب الأدب قبل الخلاص من آفته وانتزاع كل أثر عالق بالذهن من آثاره ، ذلك الخطأ هو النظر إلى الأدب كأنه وسيلة للتلهي والتسلية فإنه هو أس الأخطاء جميعاً في فهم الآداب والفارق الأكبر بين كل تقدير صحيح وتقدير معيب في نقدها وتمحيصها ، فنحن إذاً لا نتكلم الآن في الأدب الصادق والنظرة التي تجب له من أبناء الجيل وإنما نبدأ بالكلام أولاً في النظرة التي يجب ألا ينظروا إليه به ، وهذه عندنا هي أوجز طريق إلى تعريفه الصحيح .

إن اعتبار الأدب ملهاة وتسلية هو الذي يصرفه عن عظائم الأمور ويوكله بعواطف البطالة والفراغ لأن هذه العواطف أشبه بالتلهي وأقرب إلى الأشياء التي لا خطر لها ولا مبالاة بها ، وماذا يرجى من البطالة والفراغ غير السخف وفضول الكلام؟؟ واعتبار الأدب ملهاة وتسلية هو الذي يرفع عن الشاعر كلفة الجد والنظر الصادق فيصغى إليه الناس حين يصغون كأنما يستمعون إلى طفل يلغو بمستملح الخطأ ويلثغ بالألفاظ المحببة إلى أهله فلا يحاسبونه على كذب ولا يطالبونه بطائل في معانيه ولا يعولون على شيء مما يقوله ، وإذا غلا في مدح أو هجاء أو جاوز الحد في صفة من الصفات فمسخ الحقائق ونطق بالهراء وهذر في تصوير جلائل أسرار الحياة وخلط بين الصواب والخطأ مثّل أشواق النفوس وآمالها وفضائلها على خلاف وجهها المستقيم في الطبائع السليمة غفروا له خطأه وقالوا لا عليه من بأس:
أليس الرجل شاعراً؟؟ ولو أنصفوا لقالوا: أليس الرجل هازلاً؟؟ وإنهم ليقولونها لو اقترحتها عليهم ولا يرون بينها وبين الأولى فرقاً لأن الهزل والشعر هما في عرف هؤلاء الناس شيئان بمعنى واحد .

واعتبار الأدب ملهاة وتسلية هو علة ما يطرأ على الكتابة والشعر من التزويق والبهرج الكاذب والولع بالمحسنات اللفظية ، لأن المرء يجيز لنفسه التزويق والتمويه ومداعبة الوقت حين يتلهي بشغل البطالة ، ولكنه لا يجيز لنفسه ذلك ولا يميل إليه بطبعه حين يجد الجد ويأخذ في شئون الحياة بل لعله ينفر ممن يعرض عليه هذه الهنات في تلك الساعة ويزدريه ويخامره الشك في عقله !



فمما تقدم نرى على الإجمال أن هذا الاعتبار الفاسد هو العلة في كل ما يعرض للآداب من آفات الإسفاف إلى الأغراض الوضيعة والغلو والعبث وتشويه المعاني والكلف المفرط بمحسنات الصناعة وغيرها من ضروب التزييف ، وهذه كما نعلم هي جماع ما يعتري الآداب من آفات المعنى واللفظ في اللغات والعصور كافة ، ومن شاء تحقيق ذلك والتثبت منه في تواريخ الآداب فليرجع إلى تاريخ الأدب في لغتنا العربية ولينظر في أي عهد هبط الأدب العربي؟؟ إنه لم يهبط ولا كثرت عيوبه في عهد الجاهلية ولا في عهد الدولة الأموية ولكنه هبط وتطرق إليه كثير من عيوب اللفظ والمعنى في أواسط الدولة العباسية أي في العهد الذي صار فيه الأدب هدية تحمل إلى الملوك والأمراء لإرضائهم وتسليتهم ومناداتهم في أوقات فراغهم ، وكان أول ما ظهر من عيوبه المبالغة لأن كثرة الممدوحين والمادحين تدعو إلى التسابق في تعظيم شأن الممدوح وتفخيم قدره وتكبير صفاته على صفات الممدوحين قبله فلا يقنع الشاعر ولا الملك أو الأمير بالقصد في الوصف ، ويجر ذلك إلى التفنن في معاني المدح وغير المدح لأن المبالغة الساذجة لا ترضي في كل حين ولابد من شيء من التنويع واللباقة يسوغون به هذه المبالغات المتكررة ، ومن هذا التفنن والاحتيال تنشأ المغالطة في المعاني والتورية المتمحلة والهزل العقيم ، ومتى اجتمعت المغالطة في المعاني والتسلية فهما كفيلان بإتمام ما يبقى من صنوف التلفيق في اللفظ والمعنى وضروب التشويه وسائر ما تجمعه كلمة التصنع .

وهكذا كان الشأن في اللغات كافة فإن انحطاط الآداب في جميع اللغات إنما كان يبدأ في عصور متشابهة ، وربما اختلفت أعراض الانحطاط بعض الاختلاف بين عصر وعصر وبين لغة ولغة ولكنه لا اختلاف البتة في أن آداب التلهي والتسلية لم تكن قط نامية ناهضة وأنها كانت في كل حالة من حالاتها قرينة السخف والغثاثة ، فإذا بدأ الناس ينظرون إلى الأدب بعين لاهية لاعبة فقد آذنت حياتهم بالخلو من الجد ودل ذلك على ضعف نفوسهم وحقارة الشئون التي يمارسونها ، لآن الأدب هو ترجمان الحياة الصادق فكما يكون الأدب تكون الحياة ، إن جدّا فجد وإن هزلا فهزل على أن الأدباء قد يجدّون والأمة هازلة سادرة ولكنه قلما يهزلون والأمة جادة متيقظة ، ولا أمل في النجاح إن لم يكن الأدب مستقراً على قواعد الفطرة الإنسانية الباقية لا على الأهواء العارضة ولا المآرب الفردية الخاوية .

وها قد وصلنا إلى مفترق طريقين في تعريف الأدب: فمن هنا أدب تمليه بواعث التسلية وعلالات البطالة ، ومن هنا أدب تمليه بواعث الحياة القوية وتخاطب به الفطرة الإنسانية عامة وهو الأدب الصحيح العالي .




- مصدر المقالة: كتاب المؤلف (مطالعات في الكتب والحياة ص 7-الطبعة الرابعة 1987- دار المعارف)

01‏/01‏/2013

هذا وطني .. فأين وطنك!

  وطني .. ياوطني الجميل


 

 

 أنّي أملك وطناً من كلام وحروف .. من حفنة حكايا وأخبار ومن خوالد حكم وأسفار .. من رؤى كتب ومجلّات ومن شطور قصائد وأبيات .. من شوارد الطرائف والملح ومن تجارب حياةٍ تخللها الترح والفرح.. أحبّ وطني جداً ولا يمكنك أيها الغريب أن تحرمني إياه فحياتي مرهونة به وهو أيضاً مرهون بحياتي!!

 لاتفزعوا من عشقي لوطني .. فلست وحدي فقط من أملك وطناً! كلّنا حاكمٌ لوطنه، منذ ظهرنا على هذه البسيطة ونحن نحمل بأيدينا وطناً قُدّرنا أن نحميه وأن ننمّيه ونرعاه مادام يسكن فينا ونسكن فيه، نختلف بمقدار عطائنا له فيختلف بمقدار مايعطينا، نقلل من الاستيراد فيقلل من التصدير، نُكثر في الأخذ فيجازينا الإكثار في العطاء، تنشأ حروب بيننا وبين الأوطان الأخرى وتتوتّر العلاقات، بعضها تُقطع وبعضها مازال في حصار إلا ماتتطلبه الرسميّات، تنشأ علاقات جديدة بحسب مايحمل الوطن من ثروات وموارد. 

 

لا أتكلم عن هذه الحدود الجغرافية التي تحيط بنا ونوّفر لقمة العيش منها -إن استطعنا- ! هذه الحدود التي نختلف في مقدار عيشها الحقيقي فينا..لا لا .. إنما وطني ووطنك هو تراكم المعارف والتجارب والقراءات الحياتية خلال هذه السنين التي عشناها ولا زلنا.. إن لم تحبّ وطنك كما ينبغي وتسعى لنهضته فكيف ستواكب الأوطان الأخرى وتتعامل معها!

نعم هذا هو وطني الذي أقصد من هذه المدوّنة أن تعلن عن حضوره في المجتمعات الوطنية الأخرى مشاركاً .. سيكون تارةً أدبياً وتارةً مفكّراً وتارة ساخراً وتارة متجولاً بين نفائس الكتب،لا أعدكم بشيء عظيم فقد تعلمت من وطني الجغرافيّ أن الوعود الكثيرة لاتنتهي إلا بالإنجازات القليلة ..

 

 

إبراهيم