أمير تاج السر .. مراية ساحلية

"
كثير هو الفرح، وكثير هو الحزن،
أخوان عدوان يسكنان في حياة واحدة، يتناوبان دفّة المشاعر، ولا يهدآن ..
أود أن أحكي عن فرح خصوصيّ. فرح ذلك اليوم الذي دخل فيه والدي يحمل مفتاحاً عربة. لقد دخلت إلى حياتنا الأسرية بذلك الدخول المنشرح عربة "موريس ماينور" خضراء، ذات مقود يمين، وجسد مفلطح، دخلت بأربع مائة وخمسين جنيهاً، هي الآن ثمناً لرغيف خبز مشكوك في مصداقيته الغذائية
كنا قبل ذلك راجلين، أو متعلقين في مواصلات الطبقة الكادحة. خاصة حين نزور أقارب لنا في مكان بعيد، وكانت اعيننا نحن الصغار تتسلق راكبي العربات الخصوصية وهي تزفر.. أف . هرعنا بأكملنا إلى الطريق، أسرة دغدغ الفرح مصارينها، فضحكت عدواً، وطوال يوم كامل، أقمنا في العربة لا نبرح مقاعدها، طفنا بها المدينة، صفرنا من النوافذ، وتعمدنا حين تبطئ في إبطاء المرور أن نصرخ ونمد ألسنتنا حتى يحقد الراجلون علينا، وقد ضلت تلك العربة المسماة محلياً (الضفدعة) في خدمتنا سنين طويلة، تنعم بالطلاء، والتشحيم وتغيير الفرش، والغسيل اليومي، وننعم بنقلها الرشيق الممتع، ورذاذ الوجاهة التي تنثره علينا كبيت من الطبقة المتوسطة. وعندما بيعت بستمائة وخمسين جنيهاً، أي برغيف ونصف هذه الأيام.
لم نبك لأننا كنا قد كبرنا.
"
أمير تاج السر - اقتباس من رواية (مرايا ساحلية .. سيرة مبكرة)
-------
لقراءة فصل من الرواية:
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1084951687&func=next