29‏/11‏/2014

كيف تم ذبح 49 من سكان كفر قسم



في 29 تشرين الأول/اكتوبر 1956، اليوم الذي أطلقت فيه إسرائيل هجومها على مصر، بدأت وحدات من حرس الحدود الإسرائيلي في الساعة مساء ماسمّوه رحلة قرى المثلث. أخبروا مخاتير القرى وبلدياتها أن حظر التجول في تلك القرى سيطبق ابتداء من ذلك اليوم ولاحقاً من الساعة الخامسة مساء وحتى السادسة صباحاً كما كان الأمر من بل، وان على السكان بالتالي البقاء في بيوتهم من تلك اللحظة.



من القرى التي مرّ عبرها حرس الحدود، كانت كفر قاسم، وهي قرية عربية صغيرة تقع قرب مستوطنة بيتاح تيكفا الإسرائيلية. استلم القرويون هناك التنبيه في الساعة 4.45 مساءً، قبل 15 دقيقة من بدء تطبيق الحظر.
مختار كفر قاسم أخبر ضابط الوحدة بسرعة أن عددا كبيراً من أهل القرية، الذين يعملون خارجها لا يعرفون شيئاً عن حظر التجول هذا.ردّ الضابط المسؤول أن جنوده سيهتمون بالأمر.
القرويون الذين كانوا في بيوتهم التزموا الحظر الجديد المفروض وظلوا داخل منازلهم.
في تلك الأثناء، أخذ حراس الحدود المسلحون مواقعهم على مداخل القرية. بعد وقت قصير، ظهرت الدفعة الأولى من القروين. أول دفعة منهم كانت جماعة من أربع عمال، عائدين على دراجات هوائية.

هذا ما ذكره واحد من هؤلاء العمال، عبدالله سمير بدير، عن الحادث:
وصلنا إلى مدخل القرية بحدود الساعة 4,55 مساء حيث واجهتنا فجأة وحدة من حرس الحدود تضمّ اثني عشر جندياً وضابطاً، كلهم موجودون في شاحنة عسكرية.
قمنا بتحية الضابط بالعبرية قائلين "شالوم، كاستين"، أي "السلام عليكم أيها الضابط"، فلم يردّ علينا. ثمّ سأَلَنا بالعربية: "هل أنتم مسرورون؟"، قلنا "نعم". وبدأ الجنود بعدها بالنزول من الشاحنة وامرنا الضابط بأن نقف بطابور. ثم صرخ على جنوده بهذا الأمر: "لاكتاسور أوتيم"، ما معناه "احصدوهم"، فأطلق الجنود النار، لكنني حين ذاك رميت بنفسي على الأرض وبدأت بالتدحرج، وأنا أصيح. ثمّ تظاهرت بأنني مُتُّ.
خلال ذلك، كان الجنود قد مزّقوا رفاقي الثلاثة بالطلقات لدرجة أن الضابط المسؤول أمرهم أن يوقفوا إطلاق النار، مضيفاً أنهم يقومون بهدر الطلقات. عبَّر عن ذلك بالقول بإننا أخذنا أكثر من الجربعة الضرورية من الطلقات المميتة.
"كل هذا حصل وأنا مستلقٍ، متظاهراً بالموت. بعد ذلك رأيت ثلاثة عمال يقتربون على عربة صغيرة جداً يجرها حصان. أوقف الجنود العربة وقتلوا ركابها الثلاثة. بعد ذلك بوقت قصير، تحرك الجنود عدة أمتار نحو الطريق لأخذ وضعية تسمح لهم على ما يبدو لإيقاف شاحنة  مليئة بالقرويين العائدين، إضافة إلى مجموعة من العمال العائدين لبيوتهم على الدراجات. انتهزتُ الفرصة وتحركت بأسرع ما يمكنني إلى أقرب منزل. رآني الجنود وأطلقوا النار عليَّ. كنت قد وصلت المنزل حين أوقفوا مجدداً شاحنة تحمل ثلاثة عشر من قاطفيّ الزيتون، كلهم من النساء والبنات، وعاملين من الذكور وسائق. هجمت عليهم الوحدة نفسها وقتلتهم جميعاً باستثناء واحدة منهم".

وهذا ما ذكرته حنان سليمان عامر، ابنة السادسة عشرة، والناجية الوحيدة، عن هذا الحادث:
" اوقف الجنود عربتنا على مدخل القرية وأمروا العاملين والسائق بالنزول. ثمّ أخبروهم أنهم سيُقتلون. عند سماع ذلك بدأت النسوة بالبكاء والصراخ متسولات الجنود الإبقاء على حياة العمال. لكن الجنود صرخوا على النساء، قائلين إن دورهن قادم، وإنهن أيضاً سيقتلن.
نظر الجنود عدة دقائق إلى النساء، كما لو كانوا ينتظرون أمر الضابط. ثم سمعتُ الضابط يتحدث باللاسلكي، ليسأل، على ما يظهر، قيادته عن تعليمات تتعلق بتلك النساء. في اللحظة التي انتهى فيها الاتصال، وجّه الجنود بنادقهم إلى النساء والبنات، اللواتي كنّ ثلاث عشرة، وكان بيهم حوامل (فاطمة داود صرصور كانت في شهرها الثامن) إضافة إلى نساء في الستين من العمر وفتاتين في الثالثة عشر من عمرهما (لطيفة عيسى ورشيقة بدير)".

ثلاث سيارات أوقفها حرس الحدود الإسرائيلي؛ والناس الذين كانوا على متن هذه السيارات أُمروا بالخروج منها وأُطلق عليهم رصاص الرشاشات، بحيث قتلوا مباشرة.
مع انتهاء المجزرة عملياً، تنقّل الجنود للقضاء على من بدت عليه أي إشارات حياة. بعد ذلك، عند فحص أجساد القتلى، تبيّن أن الجنود قاموا بالتمثيل بها، بكسر الرؤوس وفتح بطون النساء الجريحات لإنهاء حياتهن. الناجيان الوحيدان الذين كانا من الذين دفنوا تحت جثث رفاقهم بيث غطتهم دماء الضحايا، بحيث بدَوا، هما أيضاً، ميتَين. هذا كان الوحيدان اللذان نجيا ليتحدثا عن أهوال مجزرة كفر قاسم.
استمرت المجزرة لساعة ونصف الساعة، وقام الجنود بنهب ما استطاعوا أن يجدوه، على مايبدو، خلال جولاتهم على الأجساد للتأكد من أن أحداً لم يعد حياً. ثلاثة عشر من هؤلاء الناس البؤساء أغمي عليهم فقط حين أطلق الرصاص عليهم، وقد أُخذوا إلى مشفى بيلينسون إضافة إلى مشاف أخرى. واحد من هؤلاء الجرحى كان عثمان سليم، الذي كان موجوداً على إحدى الشاحنات. لقد شهد المجزرة، ونجا منها بالتظاهر بالموت بين كتلة الجثث. أسعد سليم، الذين كان يركب الدراجة، أصيب بجروح بليغة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رحمن يعقوب صرصور، وكان صبيا في السادسة عشر من عمره، وهو أبكم أصم. الوحيد الذي نجا من الموت ووصل إلى كروم الزيتون كان إسماعيل عقاب بديرة، وكان في الثامنة عشر من عرمه، والذي اعتنى بجراحه حتى وصل هناك، ثم تسلق شجرة زيتون رغم آلامه. بقي هناك ليومين إلى أن مرّ به راعٍ وأخذه مع إلى المشفى حيث بُترت إحدى ساقيه بسبب الغرغرينا.
حمام الدم لم يكن مقصوراً على مدخل القرية وأطرافها، بل انتقل إلى داخل القرية نفسها. طلال شاكر عيسى، الذي كان في الثامنة من عمره، ترك بيته لإحضار قطيع الغنم، بالكاد خطا خارج المنزل حتى قتله أحد الجنود بطلق ناري. حين خرج والده للتحري عما حصل قُتل بدوره. الأم التي حاولت أن تُدخل جثته إلى المنزل قُتلت هي الأخرى. نوال، الطفل الثاني، تتبعت صوت الصرخات التي أطلقها أهلها قتلت كذلك بسيل من الطلقات. الناجي الوحيد في العائلة، هو جد ضعيف عجوز، حين سمع صرخات الرعب والموت، أصيب بنوبة قلبية وتوفي على الفور.


المصدر:
-كول هآم، 13 كانون الأول/ديسمبر 1956، "كيف تمَّ ذبح 49 من سكان كفر قاسم".
تم تعريبه في ملحق كتاب "وطن من كلمات، عبدالباري عطوان، الطبعة الثالثة 2013/ دار الساقي- ص439".

02‏/07‏/2014

مجالس في التدبر



ببلوغرافيا الكتاب:
(
ثلاثون مجلساً في التدبر- الجزء الأول/ مجموعة من المشائخ. دار الحضارة. الطبعة الأولى 2012 / 200 صفحة)


كل رمضان وأنتم في طاعة وارتقاء إيماني. أسأل الله أن يمنّ علينا من فضله ولجميع المسلمين في أنحاء العالم

تدبر القرآن هو النظر والتفكر المؤدي للعيش مع دلالات القرآن .
هذا الكتاب فكرته هو تدبر بعض الآيات القرانية والسور التي حين نقرأها قد تخفى علينا بعض المعاني الللطيفة العجيبة والالتفاتات النادرة التي لا ينتبه لها سوى متأمل دارس عالم بهذا الكتاب العظيم


فمثلاً في الآية التي نرددها في كل ركعة يومياً :
 " إياك نعبد وإياك نستعين "
ذكر الدكتور الخضيري هذا المعنى الجميل:
أن العبادة قُدمت فيها على الاستعانة، لأن العبادة حقّ الله، والاستعانة حق المخلوق، وحق الله مقدّم على حق المخلوق.


وذكر أيضاً: أن تقديم العبادة على الاستعانة وافق قسمة السورة المذكور في الحديث القدسيّ :( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)، فالنصف الأول لله، والنصف الثاني للعبد، فسورة الفاتحة مكونة من سبع آيات .. نصفها ثلاث آيات ونصف لله، والنصف الآخر ثلاث ونصف للعبد.


ومن المعاني في الآية أيضاً: أن الفعلين فيها جاءا بلفظ الجمع (نعبد ونستعين)، ليست (أعبد وأستعين)؛ تذكيراً للمسلم بارتباطه مع الجماعة وحرصه عليها.


وغير ذلك من الفوائد والالتفاتات العلمية والإيمانية

هدف الكتاب هو جمع هذه التدبرات وتنسيقها وإعادة صياغتها بحيث تصبح بسيطة لكي تلقى في المساجد ككلمات بعد الصلاة أو في المجالس واللقاءات والاجتماعات، وهذا ماجعل الأسلوب سهلاً والفوائد عامة، ويتم التعليق على الفائدة بنصائح تصلح لعوامّ الناس، لم أنتبه لذلك إلا بعد أن اقتنيت الأجزاء الثلاثة


-----------------------

لتحميل الكتاب PDF:
http://www.4shared.com/office/8NqSJbzpba/______.html

03‏/06‏/2014

يحيى الغزال، أو يحيى بن الحكم



يُعَدُّ أبو زكريا، يحيى بن الحكم البكري الجياني الملقب بـ "الغزال" أحد رجالات الأندلس المشهورين في الأدب على امتداد الوجود الإسلامي بها،
و"الغزال" وهو اللقب الذي اشتهر به لجماله وظرفه وأناقته، كان أحد الشخصيات المشهورة في عصر الإمارة الأموية

أورد ابن دحية الكلبي في كتابه المطرب من أشعار أهل المغرب خبر سفارته الى ملك المجوس وقال:
"... كان الغزال في اكتهاله وسيماً، ومشى إلى بلاد المجوس وهو قد شارف الخمسين وقد وخطه الشيب، فسألته يوماً زوجة الملك- واسمها: نود- عن سنه، فقال مداعباً لها: عشرون سنة، فقالت للترجمان: ومن هو من عشرين سنة يكون به هذا الشيب؟ فقال؟ للترجمان: وما تنكر من هذا؟ ألم تر قطّ مهراً ينتج وهو أشهب؟ فضحكت "نود" وأعجبت بقوله،

فقال في ذلك الغزال بديهاً:

كلفت ياقلبي هوى متعبا ***غالبت منه الضيغم الاغلبـا
إني تعلقت مجوســية***تأبى لشمس الحسن أن تغربا
أقصى بلاد الله لي حيث لا***يلفي إليها ذاهب مذهبـــا
كُلِّفتَ يا قَلبي هَوىً مُتعِباً *** غالَبتَ مِنهُ الضَيغَمَ الأَغلَبا
إِنّي تَعَلَّقتُ مَجوسِيَّةً تَأبى لِشَمسِ الحُسنِ أَن تَغرُبا
أَقصى بِلادِ اللَهِ في حَيثُ لا يُلفي إِلَيهِ ذاهِبٌ مَذهَبا
يا نود يا ورد الشباب الذي *** تطلع من أزرارها الكوكبا
قالت أرى فوديه قد نورا *** دعابة توجب أن أدعبا
قلت لها يا نود بأبي إنه *** قد ينتج المهر كذا أشهبا
فاستضحكت عجباً بقولي لها *** وإنما قلت لكي تعجبا


فلما أنشدها الشعر وفسره الترجمان لها، ضحكت منه وأمرته بالخضاب ففعل ذلك الغزال. وغدا عليها يوماً ثانياً وقد اختضب، فمدحت خضابه.. وفي ذلك يقول الغزال:


بركت تحسِّن لي سواد خضابي *** فكأن ذاك أعادني لشبابي
ما الشيب عندي والخضاب لواصفٍ *** إلاّ كشمس جلِّلت بضباب
تخفى قليلاً ثم يقشعها الصبا *** فيصير ما سترت بها لذهاب
لا تنكري وضح المشيب فإنما *** هو زهرة الافهام والألباب

أعجبت بشعره وأجد فيه من الذكاء والفطنة والحزم، ذكاءه مثل في بعض الأبيات التي يخبر فيها معرفته بالناس عن طريق مشيتهم (المشي) أو لسانهم وكلامهم:

يعرف عقل المرء في أربعٍ *** مشيته أولها، والحرك
ودَور عينيه، وألفاظه *** بعدُ عليهن يدور الفلك


 وأيضاً نقده لبعض الفقهاء الذين يغشون الناس ويأكلون أموالهم فيقول في ذلك:

لست تلقى الفقيه إلا غنياً **ليت شعري من أين يستغنونا
نقطع البرّو البحر طلّاب الر**زق والقوم هاهنا قاعدونا
إن للقوم مضرباً غاب عني ** لم يصب قصد وجهه الراكبونا


ومن سخريته ونقده اللاذع قوله عن أبي حازم:

سألت في النوم أبي آدماً *** فقلت والقلب به وامقُ
أابنك بالله أبوحازمٍ *** صلّى عليك المالك الخالق؟
فقال لي: إن كان منّي ومن *** نسلي فحوّا أمكم طالقُ


في هذا الديوان بعض مابقي من شعره، وهو ديوان جميل لشخصية رائعة فريدة توفيت قبل 1200 سنة


------------

لتحميل الديوان الكترونياً : http://www.4shared.com/office/kUkMgRiOba/45610.html

31‏/03‏/2014

عن غرامشي ورسائله إلى والدته





كتب غرامشي 32 دفتراً في السجن ونشرت بعد وفاته، مايقارب ثلاثة آلاف صفحة مكتوبة باليد.

حلّل فيها دور المثقفين الإيطاليين على مر التاريخ، مكيافيلي، وأوغو، وفوسكولو وغيرهم وكتب عن مرحلة الإصلاح، وعصر النهضة، والرواية المصورة، والفولكلر، واللغة الأدبية واللهجات، والمسرح، والمدرسة العلمانية وفلسفه بينديتيو كروتشه ومئات من المواضيع الأخرى. كتبها في السجن جميعها وكان عمره حين دخل السجن 35 سنة. مكث في السجن 12 سنة غيّرت حياته وأماتتها.

هذا الكتاب هو بداية السلسلة كما ذكر المترجم وفقه الله ولأول مرة تترجم رسائله للعربية، وسيقسّم رسائل غرامشي إلى عدة كتب كي تسهل للقارئ، يحتوي هذا الجزء على الرسائل التي أرسلها لأمه.
الرسائل حميمية ولقد كان بحاجة أمه ورسائلها فهي تبعث إليه القوة وتنير قلبه، فيها تفاصيل كثيرة لايفهمها القارئ حول أحداث وذكريات عنه ووالدته وقرابته ولكن قد يُلتقط منها بعض النصائح والملاحظات والتحليلات الجيدة وأخصّ منها رسالتي 28 يوليو 1930م وتحليله فيها عن "ميّا"، ورسالة 15 ديسمبر 1930م

لاحظت شيئاً قد لايكون له اعتبار، في رسائله لأمه يكتب نهاية الرسالة توقيعه بـ(تصغير، أوتدليع) اسمه لوالدته "نينو". ولكن بعدما انتقل إلى سجن روما وانقطع سنتين كانت الرسائل بعدها تأتي بتوقيع اسمه الكامل "أنطونيو" وتغيّرت لغته أيضاً أصبحت أكثر هدوءاً ورصانة.


اقتباسات:
- نصبح مسنين عندما نبدأ بالخوف من الموت وإبداء الأسف عند رؤية الآخرين يفعلون أشياء لا نستطيع القيام بها.
- "بخصوص ما تبقى.. لم أفقد رغبتي في الحياة. الأشياء جميعها تهمني"
- أمي: يجب أن تقولي لأدميا بلا تهرب أن والدها في السجن، يجب أن تعرف الحقيقة، كي تتراكم في أعماقها ذكريات من القوة والشجاعة ومقاومة المعاناة وانتكاسات الحياة.





-------------
لتحميل الكتاب الكترونياً: http://www.4shared.com/office/jw0Fxex8ce/_____.html

25‏/03‏/2014

حكايات من القبائل العربية


ببلوغرافيا الكتاب (
سي.جي. كامبل/ ترجمها عبدالله الظفيري. الطبعة الثانية 2014 / 223 صفحة )


يجب أن أقول عن هذا الكتاب أنه بالنسبة لي غير معرض للانتقاد، مثل حكايا الجدّات


ترجم الظفيري 16 قصة للمستشرق الرائد البريطاني سي.جي.كامبل وأضاف قصتين أخريين من كتاب "عرب من الصحراء" لديكسون.
لفظ حكاية أبلغ من قصة، هي حكايات، تناقلتها الألسن البدوية ورويت شفهياً لكامبل الذي حينها كان ضابطاً يخدم في المنطقة العربية خلال الحرب الثانية، نجد فيها السرد الخيالي والأساطير وبعض الخرافات ويُلتقط بعضها شيئاً من روح الأزمان والبيئات المختلفة، وبخاصة بيئة السيطرة العثمانية وبيئة الصراع مع الفرس، ويدور بعضها في جغرافيات خيالية تذكر بجغرافيات الأساطير الكبرى في "ألف ليلة وليلة" وشخصيات الأبطال العربية مثل "عنترة" و"أبوزيد الهلالي".

وأبرز حكاية بهذا النحو هي حكاية "البطل المقداد". كما يظهر في المرويات القبلية هذه أنهم يعلون من شأن الأصالة العربية ويظهرون في بعض الحكايا الشخصية العثمانية شخصية سلبية كما في "حريم السلطان والراقصَين" وحكاية "النحاس خالد" وحكاية " الروح الضائعة".

لطيفة أغلب الحكايا ولا تخلو من الغرابة المستساغة، أحببتها كونها قد تروى لأهلك وأصدقائك ويستأنس بها.





----------------


* توجد نسخة الكترونية للطبعة الأولى من الكتاب:
 http://www.4shared.com/office/_4i2KHSpba/__________-_.html

20‏/03‏/2014

أمير تاج السر .. مراية ساحلية


"

كثير هو الفرح، وكثير هو الحزن،
أخوان عدوان يسكنان في حياة واحدة، يتناوبان دفّة المشاعر، ولا يهدآن .. 
أود أن أحكي عن فرح خصوصيّ. فرح ذلك اليوم الذي دخل فيه والدي يحمل مفتاحاً عربة. لقد دخلت إلى حياتنا الأسرية بذلك الدخول المنشرح عربة "موريس ماينور" خضراء، ذات مقود يمين، وجسد مفلطح، دخلت بأربع مائة وخمسين جنيهاً، هي الآن ثمناً لرغيف خبز مشكوك في مصداقيته الغذائية
كنا قبل ذلك راجلين، أو متعلقين في مواصلات الطبقة الكادحة. خاصة حين نزور أقارب لنا في مكان بعيد، وكانت اعيننا نحن الصغار تتسلق راكبي العربات الخصوصية وهي تزفر.. أف . هرعنا بأكملنا إلى الطريق، أسرة دغدغ الفرح مصارينها، فضحكت عدواً، وطوال يوم كامل، أقمنا في العربة لا نبرح مقاعدها، طفنا بها المدينة، صفرنا من النوافذ، وتعمدنا حين تبطئ في إبطاء المرور أن نصرخ ونمد ألسنتنا حتى يحقد الراجلون علينا، وقد ضلت تلك العربة المسماة محلياً (الضفدعة) في خدمتنا سنين طويلة، تنعم بالطلاء، والتشحيم وتغيير الفرش، والغسيل اليومي، وننعم بنقلها الرشيق الممتع، ورذاذ الوجاهة التي تنثره علينا كبيت من الطبقة المتوسطة. وعندما بيعت بستمائة وخمسين جنيهاً، أي برغيف ونصف هذه الأيام.
لم نبك لأننا كنا قد كبرنا.

"

أمير تاج السر - اقتباس من رواية (مرايا ساحلية .. سيرة مبكرة)


-------
لقراءة فصل من الرواية:
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=8&msg=1084951687&func=next