يُعَدُّ أبو زكريا، يحيى بن الحكم البكري الجياني الملقب بـ "الغزال" أحد رجالات الأندلس المشهورين في الأدب على امتداد الوجود الإسلامي بها،
و"الغزال" وهو اللقب الذي اشتهر به لجماله وظرفه وأناقته، كان أحد الشخصيات المشهورة في عصر الإمارة الأموية
أورد ابن دحية الكلبي في كتابه المطرب من أشعار أهل المغرب خبر سفارته الى ملك المجوس وقال:
"... كان الغزال في اكتهاله وسيماً، ومشى إلى بلاد المجوس وهو قد شارف الخمسين وقد وخطه الشيب، فسألته يوماً زوجة الملك- واسمها: نود- عن سنه، فقال مداعباً لها: عشرون سنة، فقالت للترجمان: ومن هو من عشرين سنة يكون به هذا الشيب؟ فقال؟ للترجمان: وما تنكر من هذا؟ ألم تر قطّ مهراً ينتج وهو أشهب؟ فضحكت "نود" وأعجبت بقوله،
فقال في ذلك الغزال بديهاً:
كلفت ياقلبي هوى متعبا ***غالبت منه الضيغم الاغلبـا
إني تعلقت مجوســية***تأبى لشمس الحسن أن تغربا
أقصى بلاد الله لي حيث لا***يلفي إليها ذاهب مذهبـــا
كُلِّفتَ يا قَلبي هَوىً مُتعِباً *** غالَبتَ مِنهُ الضَيغَمَ الأَغلَبا
إِنّي تَعَلَّقتُ مَجوسِيَّةً تَأبى لِشَمسِ الحُسنِ أَن تَغرُبا
أَقصى بِلادِ اللَهِ في حَيثُ لا يُلفي إِلَيهِ ذاهِبٌ مَذهَبا
يا نود يا ورد الشباب الذي *** تطلع من أزرارها الكوكبا
قالت أرى فوديه قد نورا *** دعابة توجب أن أدعبا
قلت لها يا نود بأبي إنه *** قد ينتج المهر كذا أشهبا
فاستضحكت عجباً بقولي لها *** وإنما قلت لكي تعجبا
فلما أنشدها الشعر وفسره الترجمان لها، ضحكت منه وأمرته بالخضاب ففعل ذلك الغزال. وغدا عليها يوماً ثانياً وقد اختضب، فمدحت خضابه.. وفي ذلك يقول الغزال:
بركت تحسِّن لي سواد خضابي *** فكأن ذاك أعادني لشبابي
ما الشيب عندي والخضاب لواصفٍ *** إلاّ كشمس جلِّلت بضباب
تخفى قليلاً ثم يقشعها الصبا *** فيصير ما سترت بها لذهاب
لا تنكري وضح المشيب فإنما *** هو زهرة الافهام والألباب
أعجبت بشعره وأجد فيه من الذكاء والفطنة والحزم، ذكاءه مثل في بعض الأبيات التي يخبر فيها معرفته بالناس عن طريق مشيتهم (المشي) أو لسانهم وكلامهم:
يعرف عقل المرء في أربعٍ *** مشيته أولها، والحرك
ودَور عينيه، وألفاظه *** بعدُ عليهن يدور الفلك
وأيضاً نقده لبعض الفقهاء الذين يغشون الناس ويأكلون أموالهم فيقول في ذلك:
لست تلقى الفقيه إلا غنياً **ليت شعري من أين يستغنونا
نقطع البرّو البحر طلّاب الر**زق والقوم هاهنا قاعدونا
إن للقوم مضرباً غاب عني ** لم يصب قصد وجهه الراكبونا
ومن سخريته ونقده اللاذع قوله عن أبي حازم:
سألت في النوم أبي آدماً *** فقلت والقلب به وامقُ
أابنك بالله أبوحازمٍ *** صلّى عليك المالك الخالق؟
فقال لي: إن كان منّي ومن *** نسلي فحوّا أمكم طالقُ
في هذا الديوان بعض مابقي من شعره، وهو ديوان جميل لشخصية رائعة فريدة توفيت قبل 1200 سنة
------------
لتحميل الديوان الكترونياً : http://www.4shared.com/office/kUkMgRiOba/45610.html